بیان المحقق الصدر!
قال السید المحقق الصدر!: و الآن و قد استوعبنا النظرية الاقتصادية للإسلام نحو الأرض، يتحتّم علينا أن نبرز العنصر السياسي الذي يكمن في نظرة الإسلام العامة إلى الأرض.
فإنّ الإسلام قد اعترف إلى جانب الإحياء، الذي هو عمل اقتصادي بطبيعته، بالعمل السياسي.
و العمل السياسي الذي يتجسّد في الأرض و يمنح العامل حقّاً فيها، هو العمل الذي يتمّ بموجبه ضمّ الأرض إلى حوزة الإسلام، و جعلها مساهمة بالفعل في الحياة الإسلامية و توفير إمكاناتها المادّية.
و في الواقع أنّ مساهمة الأرض فعلاً في الحياة الإسلامية و توفير إمكاناتها المادّية تنشأ، تارة: عن سبب اقتصادي، و هو عملية الإحياء …
تارة أخرى: عن سبب سياسي، و هو العمل الذي يتمّ بموجبه ضَمّ أرض حيّة عامرة إلى حوزة الإسلام.
… و هذا العمل [السیاسي] الذي ينتج ضمّ أرض حيّة عامرة إلى حوزة الإسلام على نوعين؛ لأنّ الأرض، تارة: تفتح فتحاً جهادياً و على يد جيش الدعوة.
و أخرى: يسلم عليها أهلها طوعاً.
فإن كان ضمّ الأرض إلى حوزة الإسلام و مساهمتها في الحياة الإسلامية نتيجة للفتح، فالعمل السياسي هنا يعتبر عمل الأمّة لا عمل فرد من الأفراد، و لذلك تكون الأمّة هي صاحبة الأرض، و يطبّق على الأرض – لأجل ذلك- مبدأ الملكية العامة.
و إن كان ضمّ الأرض العامرة و إسهامها في الحياة الإسلامية عن طريق إسلام أهلها عليها، كان العمل السياسي هنا عمل الأفراد لا عمل الأمّة. و لأجل ذلك اعترف الإسلام هنا بحقّهم في الأرض العامرة التي أسلموا عليها، و سمح لهم بالاحتفاظ بها … ([1])
ملاحظتنا عليه
إنّ مساهمة الأرض في الحیاة الإسلامیة تتفاوت عن العنصر السیاسي في ملكیة الأرض.
فالعمل الموجب لمساهمة الأرض في الحیاة الإسلامیة، على أربعة أنحاء:
الأول: العمل الاقتصادي و هو الإحیاء.
الثاني: العمل السیاسي و هو الفتح عنوةً.
الثالث: العمل السیاسي و هو إسلام أهل الأراضي طوعاً بالدعوة.
الرابع: العمل السیاسي و هو المصالحة التي بموجبها دخلت الأراضي في حوزة الإسلام.
فالعنصر السیاسي، فهو متمثل بأمور أربعة:
الأول: الفتح عنوة.
الثاني: الإسلام طوعاً و عن دعوة.
الثالث: المصالحة التي بموجبها تدخل الأراضي في حوزة الإسلام.
الرابع: المصالحة مع الكفار التي بموجبها تبقى أراضیهم لهم.
فالنسبة بينهما –أعني بين العمل الموجب لمساهمة الأرض في الحياة الإسلامية و العنصر السياسي- فإنّ النسبة بینهما عموم و خصوص من وجه:
فالوجه المشترك بینهما: الفتح عنوة و الإسلام طوعاً و المصالحة على أراضي الصلح التي دخلت في حوزة الإسلام.
و الافتراق من جهة العنصر الاقتصادي و هو الإحیاء الموجب للمساهمة في الحیاة الإسلامیة، و الافتراق من جهة العنصر السیاسي هو المصالحة على أن تكون الأرض باقية في ملك الكفار.
[1]. اقتصادنا، ص464.